16‏/9‏/2014

قصه قصيرة بنت من مصر


"2"

ظنت هناء بأن ما تسمعه اوهام سارت بجانب غرفتها تستمع لصوت شقيقها وصوته الخافت وكأنه يحكى لاحدهم حكاية ما قبل النوم
اقتربت لتستوعب ما يقول :
- يابنى انت بتتكلم ف ايه دى بت موووووس , دا انا هتهبل واوقعها وهعمل كده فعلا .. لا اللى اقصدها انا لو شوفتها هتجننك , سيبك من للى انت بتفكر فيها دى اى كلام .. مسيرها تقع ف ايدى واوريك هعمل فيها ايه
شعرت بقلبها تتسارع دقاته , هل هذا حقاً شقيقها , هل هو ذلك الشاب الذى يتحدث "بحقاره"عن الفتيات , فكم كانت هدى محقه بشأنه انه مثلما تستحقر باقى الشباب يجب عليها أن تفعل مع اخيها وأبيها ..!
أبيها , معقول أبيها أن يكون مثل رجال كبار السن الذين يتطاولون على الفتيات الصغيرات , كيف لى أن استوعب أن ابى واخى مثل هؤلاء الذين يفعلون كل ما هو مؤذى وجارح للانثى .

********************

أتى ثان يوم لا تعلم كيف غفلت , وتأنقت وذهبت بالحافله , وهى الان داخل الحرم الجامعى وكالعاده يوم أمتزجت به كل انحطاطات الايام السابقه
اثناء سيرها وجدته , انه هذا الشاب الذى صُدف أن يتلقى منها تعنيفها وحنقها على غيره ليكون هو فريسة غضبها لتصب عليه اقوى الاهانات , حين تقابلت اعينهم , ابتعد عنها بعينيه مسرعاً , وكأنه يرفض الاعتراف بوجودها أمامه , مما جعلها تقترب منه رغماً عنها , لا تعلم ما هذا التناقض داخلها كيف هى تكره نوع الذكور والان تقترب من أحدهم :
- انا اسفه , حضرتك مكنتش اقصد اللى عملته امبارح , بس انا كنت متضايقه وغصب عنى طلع غضبى فيك , انا اسفه
ظلت تستمع الى نفسها وما تقول حتى كادت لا تصدق ما تفعل , هل هذه هى , كيف , كيف لها ان تعتذر من أحد , وعندما شعرت بضعفها هذا وقررت الانسحاب سمعت :
- خلاص ولا يهمك , انا اعرف عنك انك انسانه على خُلق محصلش حاجه , مش زعلان
تركته وهى نادمه على ما فعلت . لم فعلت هذا وأعتذرت له الان سيحتفل بأنتصاره عليها وبأنها اعتذرت منه , الان سيفعل مثل اخيها وبقية الشباب مثله , ويتباهى بأنه اطاح بها .
اسرعت بقدميها متجهه إلى "هدى القابعه بأحد زوايا الجامعه تنتظر قدوم صديقتها " وقفت أمامها وهى تزفر بغضب
هدى : مالك يا بنتى , احنا لسه على الصبح
- انتى السبب يا هدى أنتى السبب , خلتيه صعب عليا , لحد ما اعتذرت منه , زمانه دلوقتى عامل احتفال
- انا مش فهما حاجه اهدى يا بنتى وقوليلى مالك ..؟
- اهدى ايه بس يارب الارض تنشق وتبلعنى , انا بكرهه وبكره نفسى , انا زعلانه اوووى من نفسى ليه كده , انا بكرهه وبكره كل ولد , كل الشباب بكرههم
وأثناء اشمئزازها مما فعلت استدارت منفعله تريد الابتعاد عن "هدى" كى لا تفعل اشياء تندم فيما بعد عليها , وجدته واقفاً وراءها , عينيه يملؤها التساؤل :
- انا عملت ايه علشان تكرهينى كده , دا انا بحترمك وبقدرك جدااا , وانتى انسانه غاليه عندى
وقفت ف حاله من الذهول , لقد كان هنا منذ البدايه , يستمع لاهاناته التى نعتته بها , عنقه يتسبب عرقاً , وجه شاحب , كمن ضرب فى مقتل , انتحبت بخجل لا تعلم ما يجب قوله , لما هو سئ الحظ معها هكذا , ولكن ما يضمن لها بأنه صادق , وانه حقاً يهتم لامرها , استدارت لتبتعد عنه متجهه الى قاعة المحاضرات , دون أن تتلفظ بكلمه .

**************************

تنهد مفطور الفؤاد , لا يصدق اتهاماتها له , فهو ليس بشاب تملؤه الهفوات مثلما قالت , اتكأ على سور بجانبه وهو يحاول استيعاب ما يحدث معه :
- انا مأذتهاش ف حاجه ولا عمرى كلمتها , ليه القسوه دى معايا , دا انا كنت بفكر........
- انت بتحبها ..؟
وكأنها لم تسأل بل "نهشت" اعماقه , اجل فأدق ما يوصف بما فعلت كلمتها هو "النهش" مثل ان يكون البركان خامل وتـأتى قطعه من الحجاره تصطدم به لتجعله يثور وتحمو حممه البركانيه للاعلى , اجابها بآسى :
- للاسف أيوه واوى من سنه اولى وانا هتجنن والفت نظرها ليا بس , تحس ان موجود وجمبها
- بس انت اخترت انسانه صعبه عليك جدااا
- مش فاهم
- صعبه فى تفكيرها , فى خوفها من الرجاله , الارف اللى بقينا فيه واللى بنشوفه ف الشارع افقدها الثقه فى الشباب والزواج , انت طريقك هيكون صعب ومتعب جدااا
- هتحمل المهم ميكونش حد تانى بقلبها
- هناء ههههههههههه مستحيل متقلقش وربنا معاك

**********************

هدى , يا هدى استنى
ألتفت هدى هذا الصوت تعرفه , سمعت به من قبل
التفتت بخوف , اجل انه هو , انه مازن شقيق هناء , ماذا يفعل هنا , لما أتى الى هنا , ما الذى يجعله يوقفها .
- نعم
- وحشتينى وجاى اعتذرلك عن اللى حصل منى يوم ما كنتى عندنا والله ما كنت فى وعيى انا مستحيل اعمل كده مع حد وخصوصا انتى , انتى متعرفيش انتى عندى ايه .. !
- بس انت كنت بتحاول تـ............
- مستحيل كانت توصل لكده انا كنت بحاول اقولك اد ايه بحبك , من شدة حبى كنت نفسى اخبيكى في حضنى مش اكتر صدقينى
- نفسى
- وحياتك عندى انا مقدرش اأذيكى , فى حد بيأذى روحه .. ؟!
- خلاص يا مازن امشى مسمحاك
- قابله حبى
- حبك دا اقبله فى حاله واحده
- ايه هى ؟؟
- انك تتقدملى ف البيت
وتركته وذهبت مسرعه الى قاعة المحاضرات لتنضم الى هناء
ظل واقفاً ينظر اليها وهى تبتعد ويردد :
- هتروحى منى فين يا هدى , انا والله ما هسيبك , بتعملى عليا انك شريفه وراجل , هوريكى الرجاله انا , ويا انا يا انتى
استدار وذهب لصديقه الذى ينتظره خارجاً , وتحدث :
- يلا بينا
- ايه برضو صعبه
- مفيش واحده تصعب عليا , انا بس مستنى الفرصه المناسبه وانا انزل مناخيرها الارض
- ما تفكك منها يا مازن
- لاء مش هفكنى منها غير وانا واخد منها اللى انا عاوزه
- طيب مش خايف انها صاحبة اختك ..؟
- لا مش خايف ,لو كانت عاوزه تقول كانت قالت من زمان , بس هى سعيده بأهتمامى بيها

*************************

أثناء سيرهم والخروج من مبنى الجامعه هدى وهناء كلاً منهم تفكر بأمر يعنيها
"هدى" تعلم نوايا مازن تجاهها وقررت أن تعطيه درساً لن ينساه طيلة عمره , ويكون عبره لكل شاب تسول لُه نفسه أن يفكر بفتاه هكذا .. !
"هناء" لا تستطيع ان تخبر احد ما تشعر , فمشاعرها متضاربه كل جزء بها مناقضاً لغيره تماماً , الاول يريد ان يصدق هذا الادهم , والاخر يعُلن الحرب عليه وانه ليس سوى غيره من الحيوانات التى تريد الفتك بفريستها واخر يحيرها لا تعلم مع ايهما تقف .. !
هدى : هناء ..؟
- مممم
- انا صعبان عليا ادهم اوووى بيحبك بجد
- ..........
- حاولى يا هناء تدى نفسك فرصه , حاولى تحسسيها ان فى انسان ممكن يبقى كويس
- يعنى انه بيحبنى ليه .. ؟ مش بيفكر برضو فى الافكار الدنيئه انه عاوز انثى وبس ..؟ مش تفكيره زى باقى الشباب الجسم ..!
- لاااااا بجد انتى افورتى اوووى انتى فعلا لازم تتعرضى على دكتور نفسى , انتى ضعيفه , اللى بنشوفه ميضيعش ثقتنا ف اللى حوالينا كده .
- وأحنا ليه ضاعت ثقتنا , مش علشان الشباب مات ضميرهم
ليمر من امامهم شاب وفتاه متأبط يدها بنعومه , فتشير إليهم هدى برقه :
- بصى على دول كده يا هناء .. ؟
- مالهم
- شوفتى ماشى معاها كويس ازاى , شوفتى ماشى جمبها خايف عليها مش بيطاول عليها بالعكس ماسكة ايده ليها بريئه ازااااى .. !
وادارت "هدى" برأسها مره أخرى حولها , وكأنها تبحث عن شيئاً ما , لتبتسم :
- شوفى اللى هناك دول كده ..؟
- مالهم .. !
- شباب كتير واقفين اهم وكتير بنات معديين من جمبهم , شوفى كده بيبصوا عليهم ..؟
- مممم , عاوزه تقولى ايه يا هدى
- عاوزه اقولك مش كل شاب سئ لسه ف امل , وان كان قله سيئين يبقى مننساش الكويسين اللى منهم بابا واخواتى وباباكى واخــ.......
- اخويا ..؟
وترقرقت الدموع داخل عيناها :
- اخويا سمعته بيتكلم على بنت وحش اوى مع صاحبه بليل وانه مصمم يذلها وكلام خلانى استحقره جدااا
- مممممم , متخافيش ما يمكن البنت هى اللى تديله الدرس اللى تخليه يفوق بعد كده طول العمر منه
- انتى مش فهمانى مش قضيتى البنت , قضيتى الاخ اللى مش مقدر ان ليه اخت بنت .. !
- متزعليش يا هناء , انا متأكده انه هيفوق قريب , وانتى بجد لو مدتيش أدهم فرصه هتندمى اوى , بجد الولد دا خلوق , وبيحبك بجد
- بيحبنى , وانتى ليه متأكده كده
- باين اووووى عليه , واحد تانى يسمع كلامك يثور , انما دا اتصدم وصدمته بانت ف عينيه , شخص مش متصنع ونقى , اديله فرصه علشانك انتى , علشان يثبتلك ان الدنيا لسه بخير .. !
- تفتكرى هقدر ..؟
- حاولى تفكرى بأيجابيه شويه وأنتى هتقدرى .. !

*********************

كان ف إمكان أدهم ان يكون قاسى مع هناء , ولكن حقاً أعجابه بها والحب الكبير داخل قلبه تجاهها يمنعه من تعنيفها , فتنهد بألم :
- يلعن دا حب مخلينى ضعيف كده اقدامك , بحبك ليه , ازاى احب انسانه كل اللى بتعمله التهزيق ليا , فين كرامتى , فين انا , لو شوفتها تانى مش هعبرها , حتى لو هى كلمتنى مش هرد عليها ابداا.

"يتبع"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق