"2"
ظنت هناء بأن ما تسمعه اوهام سارت بجانب غرفتها تستمع لصوت شقيقها وصوته الخافت وكأنه يحكى لاحدهم حكاية ما قبل النوم
اقتربت لتستوعب ما يقول :
- يابنى انت بتتكلم ف ايه دى بت موووووس , دا انا هتهبل واوقعها وهعمل كده فعلا .. لا اللى اقصدها انا لو شوفتها هتجننك , سيبك من للى انت بتفكر فيها دى اى كلام .. مسيرها تقع ف ايدى واوريك هعمل فيها ايه
شعرت بقلبها تتسارع دقاته , هل هذا حقاً شقيقها , هل هو ذلك الشاب الذى يتحدث "بحقاره"عن الفتيات , فكم كانت هدى محقه بشأنه انه مثلما تستحقر باقى الشباب يجب عليها أن تفعل مع اخيها وأبيها ..!
أبيها , معقول أبيها أن يكون مثل رجال كبار السن الذين يتطاولون على الفتيات الصغيرات , كيف لى أن استوعب أن ابى واخى مثل هؤلاء الذين يفعلون كل ما هو مؤذى وجارح للانثى .
********************
أتى ثان يوم لا تعلم كيف غفلت , وتأنقت وذهبت بالحافله , وهى الان داخل الحرم الجامعى وكالعاده يوم أمتزجت به كل انحطاطات الايام السابقه
اثناء سيرها وجدته , انه هذا الشاب الذى صُدف أن يتلقى منها تعنيفها وحنقها على غيره ليكون هو فريسة غضبها لتصب عليه اقوى الاهانات , حين تقابلت اعينهم , ابتعد عنها بعينيه مسرعاً , وكأنه يرفض الاعتراف بوجودها أمامه , مما جعلها تقترب منه رغماً عنها , لا تعلم ما هذا التناقض داخلها كيف هى تكره نوع الذكور والان تقترب من أحدهم :
- انا اسفه , حضرتك مكنتش اقصد اللى عملته امبارح , بس انا كنت متضايقه وغصب عنى طلع غضبى فيك , انا اسفه
ظلت تستمع الى نفسها وما تقول حتى كادت لا تصدق ما تفعل , هل هذه هى , كيف , كيف لها ان تعتذر من أحد , وعندما شعرت بضعفها هذا وقررت الانسحاب سمعت :
- خلاص ولا يهمك , انا اعرف عنك انك انسانه على خُلق محصلش حاجه , مش زعلان
تركته وهى نادمه على ما فعلت . لم فعلت هذا وأعتذرت له الان سيحتفل بأنتصاره عليها وبأنها اعتذرت منه , الان سيفعل مثل اخيها وبقية الشباب مثله , ويتباهى بأنه اطاح بها .
اسرعت بقدميها متجهه إلى "هدى القابعه بأحد زوايا الجامعه تنتظر قدوم صديقتها " وقفت أمامها وهى تزفر بغضب
هدى : مالك يا بنتى , احنا لسه على الصبح
- انتى السبب يا هدى أنتى السبب , خلتيه صعب عليا , لحد ما اعتذرت منه , زمانه دلوقتى عامل احتفال
- انا مش فهما حاجه اهدى يا بنتى وقوليلى مالك ..؟
- اهدى ايه بس يارب الارض تنشق وتبلعنى , انا بكرهه وبكره نفسى , انا زعلانه اوووى من نفسى ليه كده , انا بكرهه وبكره كل ولد , كل الشباب بكرههم
وأثناء اشمئزازها مما فعلت استدارت منفعله تريد الابتعاد عن "هدى" كى لا تفعل اشياء تندم فيما بعد عليها , وجدته واقفاً وراءها , عينيه يملؤها التساؤل :
- انا عملت ايه علشان تكرهينى كده , دا انا بحترمك وبقدرك جدااا , وانتى انسانه غاليه عندى
وقفت ف حاله من الذهول , لقد كان هنا منذ البدايه , يستمع لاهاناته التى نعتته بها , عنقه يتسبب عرقاً , وجه شاحب , كمن ضرب فى مقتل , انتحبت بخجل لا تعلم ما يجب قوله , لما هو سئ الحظ معها هكذا , ولكن ما يضمن لها بأنه صادق , وانه حقاً يهتم لامرها , استدارت لتبتعد عنه متجهه الى قاعة المحاضرات , دون أن تتلفظ بكلمه .
**************************
تنهد مفطور الفؤاد , لا يصدق اتهاماتها له , فهو ليس بشاب تملؤه الهفوات مثلما قالت , اتكأ على سور بجانبه وهو يحاول استيعاب ما يحدث معه :
- انا مأذتهاش ف حاجه ولا عمرى كلمتها , ليه القسوه دى معايا , دا انا كنت بفكر........
- انت بتحبها ..؟
وكأنها لم تسأل بل "نهشت" اعماقه , اجل فأدق ما يوصف بما فعلت كلمتها هو "النهش" مثل ان يكون البركان خامل وتـأتى قطعه من الحجاره تصطدم به لتجعله يثور وتحمو حممه البركانيه للاعلى , اجابها بآسى :
- للاسف أيوه واوى من سنه اولى وانا هتجنن والفت نظرها ليا بس , تحس ان موجود وجمبها
- بس انت اخترت انسانه صعبه عليك جدااا
- مش فاهم
- صعبه فى تفكيرها , فى خوفها من الرجاله , الارف اللى بقينا فيه واللى بنشوفه ف الشارع افقدها الثقه فى الشباب والزواج , انت طريقك هيكون صعب ومتعب جدااا
- هتحمل المهم ميكونش حد تانى بقلبها
- هناء ههههههههههه مستحيل متقلقش وربنا معاك
**********************
هدى , يا هدى استنى
ألتفت هدى هذا الصوت تعرفه , سمعت به من قبل
التفتت بخوف , اجل انه هو , انه مازن شقيق هناء , ماذا يفعل هنا , لما أتى الى هنا , ما الذى يجعله يوقفها .
- نعم
- وحشتينى وجاى اعتذرلك عن اللى حصل منى يوم ما كنتى عندنا والله ما كنت فى وعيى انا مستحيل اعمل كده مع حد وخصوصا انتى , انتى متعرفيش انتى عندى ايه .. !
- بس انت كنت بتحاول تـ............
- مستحيل كانت توصل لكده انا كنت بحاول اقولك اد ايه بحبك , من شدة حبى كنت نفسى اخبيكى في حضنى مش اكتر صدقينى
- نفسى
- وحياتك عندى انا مقدرش اأذيكى , فى حد بيأذى روحه .. ؟!
- خلاص يا مازن امشى مسمحاك
- قابله حبى
- حبك دا اقبله فى حاله واحده
- ايه هى ؟؟
- انك تتقدملى ف البيت
وتركته وذهبت مسرعه الى قاعة المحاضرات لتنضم الى هناء
ظل واقفاً ينظر اليها وهى تبتعد ويردد :
- هتروحى منى فين يا هدى , انا والله ما هسيبك , بتعملى عليا انك شريفه وراجل , هوريكى الرجاله انا , ويا انا يا انتى
استدار وذهب لصديقه الذى ينتظره خارجاً , وتحدث :
- يلا بينا
- ايه برضو صعبه
- مفيش واحده تصعب عليا , انا بس مستنى الفرصه المناسبه وانا انزل مناخيرها الارض
- ما تفكك منها يا مازن
- لاء مش هفكنى منها غير وانا واخد منها اللى انا عاوزه
- طيب مش خايف انها صاحبة اختك ..؟
- لا مش خايف ,لو كانت عاوزه تقول كانت قالت من زمان , بس هى سعيده بأهتمامى بيها
*************************
أثناء سيرهم والخروج من مبنى الجامعه هدى وهناء كلاً منهم تفكر بأمر يعنيها
"هدى" تعلم نوايا مازن تجاهها وقررت أن تعطيه درساً لن ينساه طيلة عمره , ويكون عبره لكل شاب تسول لُه نفسه أن يفكر بفتاه هكذا .. !
"هناء" لا تستطيع ان تخبر احد ما تشعر , فمشاعرها متضاربه كل جزء بها مناقضاً لغيره تماماً , الاول يريد ان يصدق هذا الادهم , والاخر يعُلن الحرب عليه وانه ليس سوى غيره من الحيوانات التى تريد الفتك بفريستها واخر يحيرها لا تعلم مع ايهما تقف .. !
هدى : هناء ..؟
- مممم
- انا صعبان عليا ادهم اوووى بيحبك بجد
- ..........
- حاولى يا هناء تدى نفسك فرصه , حاولى تحسسيها ان فى انسان ممكن يبقى كويس
- يعنى انه بيحبنى ليه .. ؟ مش بيفكر برضو فى الافكار الدنيئه انه عاوز انثى وبس ..؟ مش تفكيره زى باقى الشباب الجسم ..!
- لاااااا بجد انتى افورتى اوووى انتى فعلا لازم تتعرضى على دكتور نفسى , انتى ضعيفه , اللى بنشوفه ميضيعش ثقتنا ف اللى حوالينا كده .
- وأحنا ليه ضاعت ثقتنا , مش علشان الشباب مات ضميرهم
ليمر من امامهم شاب وفتاه متأبط يدها بنعومه , فتشير إليهم هدى برقه :
- بصى على دول كده يا هناء .. ؟
- مالهم
- شوفتى ماشى معاها كويس ازاى , شوفتى ماشى جمبها خايف عليها مش بيطاول عليها بالعكس ماسكة ايده ليها بريئه ازااااى .. !
وادارت "هدى" برأسها مره أخرى حولها , وكأنها تبحث عن شيئاً ما , لتبتسم :
- شوفى اللى هناك دول كده ..؟
- مالهم .. !
- شباب كتير واقفين اهم وكتير بنات معديين من جمبهم , شوفى كده بيبصوا عليهم ..؟
- مممم , عاوزه تقولى ايه يا هدى
- عاوزه اقولك مش كل شاب سئ لسه ف امل , وان كان قله سيئين يبقى مننساش الكويسين اللى منهم بابا واخواتى وباباكى واخــ.......
- اخويا ..؟
وترقرقت الدموع داخل عيناها :
- اخويا سمعته بيتكلم على بنت وحش اوى مع صاحبه بليل وانه مصمم يذلها وكلام خلانى استحقره جدااا
- مممممم , متخافيش ما يمكن البنت هى اللى تديله الدرس اللى تخليه يفوق بعد كده طول العمر منه
- انتى مش فهمانى مش قضيتى البنت , قضيتى الاخ اللى مش مقدر ان ليه اخت بنت .. !
- متزعليش يا هناء , انا متأكده انه هيفوق قريب , وانتى بجد لو مدتيش أدهم فرصه هتندمى اوى , بجد الولد دا خلوق , وبيحبك بجد
- بيحبنى , وانتى ليه متأكده كده
- باين اووووى عليه , واحد تانى يسمع كلامك يثور , انما دا اتصدم وصدمته بانت ف عينيه , شخص مش متصنع ونقى , اديله فرصه علشانك انتى , علشان يثبتلك ان الدنيا لسه بخير .. !
- تفتكرى هقدر ..؟
- حاولى تفكرى بأيجابيه شويه وأنتى هتقدرى .. !
*********************
كان ف إمكان أدهم ان يكون قاسى مع هناء , ولكن حقاً أعجابه بها والحب الكبير داخل قلبه تجاهها يمنعه من تعنيفها , فتنهد بألم :
- يلعن دا حب مخلينى ضعيف كده اقدامك , بحبك ليه , ازاى احب انسانه كل اللى بتعمله التهزيق ليا , فين كرامتى , فين انا , لو شوفتها تانى مش هعبرها , حتى لو هى كلمتنى مش هرد عليها ابداا.
"يتبع"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق